سورة الطارق - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الطارق)


        


{وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ} قال الكلبي: نزلت في أبي طالب، وذلك أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأتحفه بخبز ولبن، فبينما هو جالس يأكل إذا انحط نجم فامتلأ ماءً ثم نارًا، ففزع أبو طالب وقال: أي شيء هذا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا نجم رُمي به، وهو آية من آيات الله عز وجل فعجب أبو طالب فأنزل الله عز وجل: {والسماء والطارق} وهذا قسم، و{الطارق} النجم يظهر بالليل، وما أتاك ليلا فهو طارق.
{وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ} ثم فسَّره فقال: {النَّجْمُ الثَّاقِبُ} أي المضيء المنير، قال مجاهد: المتوهج، قال ابن زيد: أراد به الثريا، والعرب تسميه النجم. وقيل: هو زُحَل، سُمي بذلك لارتفاعه، تقول العرب للطائر إذا لحق ببطن السماء ارتفاعًا: قد ثقب.
{إِنْ كُلُّ نَفْسٍ} جواب القسم {لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} قرأ أبو جعفر، وابن عامر، وعاصم، وحمزة: {لما} بالتشديد، يعنون: ما كل نفس إلا عليها حافظ، وهي لغة هذيل يجعلون {لما} بمعنى {إلا} يقولون: نشدتك الله لما قمت، أي إلا قمت.
وقرأ الآخرون بالتخفيف، جعلوا {ما} صلة، مجازه: إن كل نفس لعليها حافظ من ربها.
وتأويل الآية: كل نفس عليها حافظ من ربها يحفظ عملها ويحصي عليها ما تكتسب من خير وشر.
قال ابن عباس: هم الحفظة من الملائكة. قال الكلبي: حافظ من الله يحفظها ويحفظ قولها وفعلها حتى يدفعها ويسلمها إلى المقادير، ثم يخلي عنها.


{فَلْيَنْظُرِ الإنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ} أي من أي شيء خلقه ربه، أي فلينظر نظر المتفكر.
ثم بين فقال: {خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} مدفوق أي مصبوب في الرحم، وهو المني، فاعل بمعنى مفعول كقوله: {عيشة راضية} [الحاقة- 21] أي مرضية، والدفق: الصب، وأراد ماء الرجل وماء المرأة، لأن الولد مخلوق منهما، وجعله واحدًا لامتزاجهما.
{يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} يعني صلب الرجل وترائب المرأة، {والترائب} جمع التربية، وهي عظام الصدر والنحر. قال ابن عباس: هي موضع القلادة من الصدر. وروى الوالبي عنه: بين ثديي المرأة. وقال قتادة: النحر. وقال ابن زيد: الصدر.
{إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ} قال مجاهد: على رد النطفة في الإحليل. وقال عكرمة: على رد الماء في الصلب الذي خرج منه. وقال الضحاك: إنه على رد الإنسان ماءً كما كان من قبل لقادر. وقال مقاتل بن حيان: إن شاء رده من الكبر إلى الشباب، ومن الشباب إلى الصبا، ومن الصبا إلى النطفة، وقال ابن زيد: إنه على حبس ذلك الماء لقادر حتى لا يخرج وقال قتادة: إن الله تعالى على بعث الإنسان وإعادته قادر وهذا أولى الأقاويل لقوله: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ}.
{يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} وذلك يوم القيامة تبلى السرائر، تظهر الخفايا قال قتادة ومقاتل: تختبر الأعمال قال عطاء بن أبي رباح: السرائر فرائض الأعمال، كالصوم والصلاة والوضوء والاغتسال من الجنابة، فإنها سرائر بين الله تعالى وبين العبد، فلو شاء العبد لقال: صمت ولم يصم، وصليت، ولم يصل، واغتسلت ولم يغتسل، فيختبر حتى يظهر من أداها ممن ضيعها.
قال ابن عمر: بيدي الله عز وجل يوم القيامة كل سر، فيكون زينًا في وجوه وشينًا في وجوه، يعني: من أداها كان وجهه مشرقًا، ومن ضيعها كان وجهه أغبر.


{فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ} أي ما لهذا الإنسان المنكر للبعث من قوة يمتنع بها من عذاب الله ولا ناصر ينصره من الله.
ثم ذكر قَسَمًا آخر فقال: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ} أي ذات المطر لأنه يرجع كل عام ويتكرر. وقال ابن عباس: هو السحاب يرجع بالمطر.
{وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ} أي تتصدع وتنشَّق عن النبات والأشجار والأنهار.
وجواب القسم قوله: {إِنَّه} يعني القرآن {لَقَوْلٌ فَصْلٌ} حق وجدُّ يفصل بين الحق والباطل.
{وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ} باللعب والباطل.
ثم أخبر عن مشركي مكة فقال: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا} يخافون النبي صلى الله عليه وسلم ويظهرون ما هم على خلافه.
{وَأَكِيدُ كَيْدًا} وكيد الله استدراجه إياهم من حيث لا يعلمون.
{فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ} قال ابن عباس: هذا وعيد من الله عز وجل لهم {أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا} قليلا ومعنى مهِّل وأمهل: أنظر ولا تعجل، فأخذهم الله يوم بدر، ونسخ الإمهال بآية السيف.